الفضل ، قال : وانفخ النوشادر فيه فإنه يسرع فرج صاحب الخوانيق.
  الثانية من مسائل أبيذيميا : يستعمل في أول الخوانيق القابضة ، وفي آخرها المحللة ، ولا تخل القوابض من محللة والمحللة من قوابض إلا في آخر الأمر إذا صار الورم إلى الجساً والصلابة فحينئذ استعمل الضماد بما يرخي والماء الحار على العنق ، وإنما تحتاج إلى الضماد والنطل إذا كان الورم عظيماً.
  السادسة من أبيذيميا : من العلاجات القوية للذبح : الغمز على الورم بالأصابع إلى فوق وإسهال البطن وفصد القيفال والعروق التي تحت اللسان والغراغر والسعوط بما يحدر بلغماً کثيراً ، قال : واحذر الغمز إذا كان ثم ورم حار ووجع فإنه يضر واستعمله اذا کانت رطوبة کثيرة قد ملات ونفخت اللوزتين وفي ميل الفقار الى داخل ، وإذا استرخى عظم الحنك فاغمزه إلى فوق فإنه نافع أو العظم الشبيه بالشبكة وقد تسهل هذه العظام فتح الفم بشدة.
  لي : يجب أن تتخذ حديدة لغمز الفقار ولهذه المواضع.
  فليغرغورس (1) : تحتاج الخوانيق إلى أدوية محللة إذا كانت في أبدان / صلبة لك سوداوية ، وتحتاج إلى أدوية ألين وبالضد من ذلك في الصبيان والنساء ، وإذا استعملت دواء الحرمل وخلطت به عند ما تريد أن تقويه بورقاً وعصارة قثاء الحمار وحلتيتا وزبل الكلاب وخردلاً ، وذرق الخطاطيف يبرىء الخوانيق ولا يحتاج إلى غيره ، وإن شئت ان تلينه خلطت به نشاً وورداً ونحوهما.
  قال : ويحتاج في الخوانيق الصعبة الى المحاجم على القفا وفصد عروق اللسان والمحاجم على الکاهل وانطل العنق والحلق.
  وقال : رجيع الصبي يبرىء إذا لطخ بعسل داخل الحلق ممن أشرف على الاختناق فمن لم يمكنك فصده وخفت أن يختنق فعليك بما وصفت من رجيع الصبي فإني جربته ووجدته نافعاً بليغاً في ذلك ، وإن أردت أن لا يكون للرجيع رائحة فأعط الصبي أغذية حارة ولحوم الحجل والدجاج فإنه يكون أبلغ فعلاً ولا تكون له رائحة كريهة.
  الکندي : اذا اسود اللسان وصار مدوراً اختنق صاحبه ودل على کثرة الامتلاء ولهذا اسود ونقص طوله لأنه زاد في عرضه.
  کمال ابن ماسويه : قد يحتاج إلى إنضاج ورم الحلق ليجتمع وينفجر وينضج بطبيخ التين والخيارشنبر متى تغرغر به مع أصل السوس والبنفسج ، والحليب من اللبن يحلب في الحلق نافع ، ومتى اردت انفجاره سريعاً فعليل بخرء الکلب ورماد

**************************************************************
(1) كذا في نسخة ، ولعله : فيلغريوس ـ العيون .

 الحاوي في الطب ج (4)  ـ 77 ـ

  الخطاطيف / والبورق والخردل ، وينفع من الخوانيق الصعبة زبل الکلاب وزبل الناس وفجل منقع في سکنجبين ويتغرغر به.
  روفس الى من لا يجد طبيباً : جوامع ما قال في الخوانيق : الفصد ، قال : هو أوجب ما يستعمل والحجامة على الساق فإن العلة تخف به من ساعته إذا أخرج منه دم كثير ، والحقن الحادة فإنها حاضرة النفع ثم يغرغر بما يجلب البلغم ، وقال : يفصد في الخوانيق أو يحجم في الساق ثم الحقن الحادة والتغرغر بما يجلب البلغم الذي قد ملأ الموضع بمثل الفوتنج والخردل ونحوه مطبوخا في ماء العسل فإن العلة تخفف سريعا وانطل العنق بالسذاب البري والخردل ونحوه مطبوخا في ماء العسل ليهيج الورم ويخرجه ، قال : خروجه دليل البرء.
  لي : في خلال كلامه : إن الخوانيق تكون لورم بلغمي في النغانغ وإن من أول الأمر ينبغي أن يتغرغر بماء العسل.
  انطيلس : من علاج اللوزتين والخوانيق : البط والقطع ، قال : وإذا أشرف نزف الدم وضعت المحاجم على العنق خلفه والصدر وفصدنا عروقا في هذه المواضع ليجذب الدم وغرغر بماء الزاج وذر منه عليه.
  قال بولس أيضاً : ذلك على نحو قول أنطيلس إلا أنه غير مقنع.
  من تقدمة المعرفة : شر الذبح وأقتلها سريعاً ما لم يتبين في الحلق ورم ولا في الرقبة خارجا شيء يتبين ولا ظهرت فيهما وكان الوجع في نهاية الشدة ومعه انتصاب نفس فإن هذا تخنق في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع.
  ج يريد بقوله لا تظهر لا في اللون ولا في الحرارة ولا في الانتفاخ لا من خارج ولا من داخل ، والحلق هو الموضع الذي إذا غمزات اللسان ونظرت في الفم رأيت في هذا الفضاء مجريين المريء والحنجرة وهو طرف قصبة الرئة ، فمتي لم يتبين في هذه ورم فاعلم أن الورم في الأعضاء الداخلة من الحنجرة ، ولذلك يختنقون لأن مجرى النفس يضيق وإذا اشتد أيضاً اختنق ولهذا يضطرب أصحاب هذه العلة وينتصبون لينفتح مجرى الحنجرة منهم ويجذب الهواء ، ولسبب الورم الذي في عضل الرقبة ليحدث وجع شديد ، وأما الذبحة التي فيها وجع على هذه الحال ويظهر معها حمرة وورم الحلق فإنها قتالة جداً إلا أنها أبطأ من الأول ، وانتصاب النفس في هذه لا يكون مثله في الأول لأن عضل الحنجرة لا يرم في هذه الحال ورماً مفرطاً ، والتي يحمر معها الحلق والرقبة.
  لي : يجب أن تعلم من قوله الرقبة من خارج فأبطأ مدة وأحرى بالسلامة منها ، إذا كان في الرقبة والصدر حمرة لم تغمز بغتة إلى داخل وهذا الصنف لا يعسر فيه

 الحاوي في الطب ج (4)  ـ 78 ـ

  النفس لكن يحدث معه ألم شديد مع تورم الحلق والرقبة وحمرتها ، وأقل رداءة من هذه ما لا يكون معها أيضاً مع هذه الأشياء وجع وهو أن تكون الحمرة ظاهرة في الرقبة والحلق والضيق في النفس لا يكون معه ولا وجع فإن من هذه حاله من الذبحة الحنجرة فيها سليمة من الغلظ وإنما اجتماع المادة فيها في الحلق.
  لي : أراه يعني طرف المريء أو في الرقبة أو فيهما جميعاً ، قال : والغالب على هذه المادة في الأكثر المرار ، ومتى حدث فيها الورم البلغمي سهل برؤه فإن كانت غلبة الحمرة ظاهرة في الرقبة والصدر قبل نضج الورم وينفث العليل مدة أو قبل أن يخرج خراج في ظاهر الجسم ولم يكن في يوم البحران ورأيت المريض كأنه قد ألمه فذلك قد يدل على موت أو على غوره لأن ذلك حينئذ ليس لأنه لم ينضج بل لغوره إلى داخل لضعف الأعضاء فإن لم يكن فيها قوة قتل وإن دفعته أيضاً عادت العلة ، والأجود أن تكون الحمرة وسائر الخراجات مائلة إلى خارج ولأن ميلها إلى داخل يحدث اختلاط عقل وفي أكثر / الأمر يؤول إلى التقيح ، فأما اللهاة فما دامت حمراً للملك عظيمة فبطها وقطعها خطر لأنه قد يتبع ذلك أورام وانبعاث دم فينبغي حينئذ أن يحتال في أن تضمر (1) بسائر الحيل ، فإذا تغرغر تجتمع تلك الرطوبة التي تسمى العنبة وصار طرفها أعظم وأميل إلى الكمدة وأعلاها أرق ففي ذلك الوقت ثق بقطعها ، والأجود أن تستفرغ البطن أولاً إن كان الزمن مواتياً.
  ج : متى قطعت اللهاة وبها ورم فلغموني تبع ذلك نزف دم وأورام عظيمة وكذا إن بططتها ، فإذا سكن الورم وخفت فثق بقطعها وخاصة إن أجاب الطبع من نفسه أو بعلاج إذا كان ما يبرز من البدن في علل الخوانيق بالحال الطبيعية فداخل البدن نقي ، وإن كان بخلاف ذلك فإنه يحتاج إلى استفراغ ، قال : الخوانيق الكائنة في الربيع إلى البلغم. أقرب ، والتي في الخريف إلى المرار إذا لم يظهر في الخوانيق ورم لا داخلاً ولا خارجاً فالدم حينئذ في العضل المستبطن للمريء / أو في نفس المريء وبين هذين العضوين كيك والنخاع الأغشية المحيطة به ، وبين الفقار مشاركة بعصب ورباطات ، فإذا امتدت تلك العصب والرباطات نحو العضو الذي فيه الورم انجذب الخرز أعني خرز الفقار إلى داخل وإلى جانب ، وإن كان الامتداد إنما هو إلى جانب فإلى جانب ، وإن كان الامتداد عرضاً في الجانبين فإلى داخل إذا ظهر الورم الذي في داخل إلى خارج في الذبحة كان ذلك دليلاً محموداً لأن الجيد أن تنتقل العلة من الأعضاء الباطنة إلى الخارجة.

**************************************************************
(1) قال في القانون : وإذا صلب الورم وطال فليس له كالحلتيت وإذا أخذت تدق في موضع وتغلظ في موضع فاقطع وما امکن ان يدافع بذلك وتضمره بنو شادر يرفعه إليه بملعقة كاللجام فهو أولى ولا يجب أن تقطع إلا إذا ذبل أصلها فإن فيه خطراً عظيماً ـ القانون 296 / 2.

 الحاوي في الطب ج (4)  ـ 79 ـ

  بختيشوع : الحلتيت اذا تغرغر به مع ماء العسل نفع من الخناق جداً سريعاً.
  لي : إذا قدرت أن العلة فلغموني في الحلق فاستفرغ من الدم بالفصد من القيفال والحبل والحجامة على الساق وشد اليد والرجل وضعهما في الماء الحار وادلکهما ، والغرغرة بماء عنب الثعلب وورق الخلاف والطرفا ورب التوت ورب الجوز ونحوها مما يمنع ويردع ولا تضمد خارج العنق بما يمنع لأنه يرد الفضل إلى داخل بل ضع على خارج العنق بزر الكتان والبابونج ودهن الشيرج (1) ودقيق الشعير ونحوها مما لا تبلغ قوته أن يجذب من الجسم بل من الحلق إلى خارج واستعمل إذا ألجيت إلى شدة هلك الوجع إلى الغرغرة / باللبن الحار والفانيذ (2) وبشراب بنفسج ولعاب بزر الكتان وميفختج فإنه يسكن الوجع فإذا انتهت العلة فالفصد الأوداج والعرقين اللذين تحت اللسان وغرغر بطبيخ الزوفا وحاشا وخردل وحالتيت وتدرج الى ذللاک ، واطل على العنق المراهم القوية الحمرة ليظهر الورم والحمرة إلى خارج فهذا علاج الخوانيق الحارة ، وبالجملة كانت صفراوية أو دموية ، وإن كانت بلغمية فأسهل البطن بمسهل قوي واحقنه وليمسك عن الغذاء فيهما جميعاً ويشرب في الأول ماء الشعير وفي هذا ماء العسل والطخ بعد ذلك الرقبة بأضمدة محللة وغرغره بحلتيت وماء العسل وبطبيخ الزوفا والخردل ونحوها ، فأما الخناق من السوداء فما يكاد يكون وإن كان كان قاتلاً.
  بختيشوع : الخل إذا أدمن الغرغرة به جيد للهاة الساقطة وخاصة إن كان مع شب أو عفص أو ثمرة الطرفا.
  الميامر : الأورام العارضة في الفم يعمها (3) وجميع الأورام أنها تحتاج في كيك الابتداء إلى أدوية مانعة ، والمانعات كلها باردة إلا أنها منها / ما يبرد مع قبضه وهي أقوى ويخص العضو من نفسه استدلالات أخر وهي أن الغشاء المغشي على الفم أكثر تخلخلاً وأشد ليناً من الجلد المحلل على جميع الجسم فإنه يحس بكراهة الأدوية ويخاف منه أن يسلك شيء من الأدوية التي يعالج بها إلى المريء والرئة وليتحفظ مما هو ضار ولذلك قد يضر الدواء الذي فيه الفلفيديون (4) إذا دووي منه الفم ولم يحترس منه إلا ينزل إلى المريء والمعدة والرئة ضرراً عظيماً وتمكث رداءة طعمه في الفم زماناً طويلاً فيفسد طعم الطعام فلتجتنب أمثال هذه في أدوية الفم إلا من ضرورة ،

**************************************************************
(1) الشيرج يطلق أيضاً على دهن الحل أي السمسم ، ولعله هو المراد هاهنا.
(2) الفانيذ ـ بالذال المعجمة ـ هو صنف من السكر الأحمر اللون حار رطب في الأولى ، والفانيذ السنجري هو جيد منه ـ بحر الجواهر.
(3) کذا في نسخة ، والظاهر : تعمه.
(4) كذا في نسخة ، ولعله : الفلدفيون وقد سبق عليه التعليق.

 الحاوي في الطب ج (4)  ـ 80 ـ

  قال : وفي ابتداء الأورام الحارة بعصارة التوت الساذج والساذج أجود ، وأما رب التوت المتخذ بالعسل فهو أبقى لأنه بلا عسل يسرع إليه الفساد وهو أجود من الساذج ، إذا انتهى الورم فينبغي أن يكون الغالب على الدواء في الأول القابض ، وفي المنتهى يستوي القابض والمحلل ، وفي الانحطاط المحللة ، فإن بقي في الورم شيء صلب فحينئذ تكون كلها محللة خالصة ، قال : وللمر والزعفران في رب التوت فعل شريف وذلك أن الزعفران يرفع المر / بقبضه والمر يغوص بلطفه فيبلغ الفعل عمق الأعضاء وتقتلع منها ، وفي عصارة التوت قبض كثير وكذلك في الزعفران والمر لطيف فيعاون كل واحد صاحبه وأنا أخلط برب التوت في الابتداء عصارة الحصرم أو عصارة السماق أو بزر الورد أو عصارته وجلنار فإذا وقعت فيه هذه الأشياء كان أقوى في الابتداء فأما في الانتهاء فلا ولكن يكون فيه زعفران ومر فقط لينضج الورم ، وعند الانحطاط ألق فيه المحللات كالزوفا والفوتنج ورغوة البورق والحاشا والصعتر.
  قال : والرب المتخذ من قشور الجوز معه مع القبض قوة لطيفة تصل إلى العمق ، وقد صح عندي أنها أفضل الأدوية للفم وأنا أتخذها أربعة أصناف فألق في بعض أجزائه قابضة وفي الثاني مراً وزعفراناً وفي الثاني كبريتاً وبورقاً واترك جزءاً ساذجاً فاستعمل الساذج للصبيان والقابض في الابتداء والمنضج في الانتهاء والمحلل بآخره.
  رب التوت ؛ ترکيب ج : عصارة توت جزء عسل جزء مر وزعفران لكل ستة أرطال ثلاثة مثاقيل وإن أحببت أن تلقي فيه القوابض فثلاث أواق عصارة حصرم مجفف أو سماق وألق الزعفران والمر بآخره لأن قوتها تضعف بطول النضج ، وإذا أردت أن تلقي فيها من المحللة فرغوة البورق والكبريت ويكون البورق في هذا القدر / من العسل والعصارة أربعة مثاقيل ومن الكبريت مثقال ، وكذا تركيب رب الجوز على هذا إلا أن عسله أكثر كثيراً ، ويصلح لهذه العلل في وقت التحليل أن يغلي الفوتنج الجبلي واخلطه بعقيد العنب وغرغر به أو فوتنجاً أو حاشاً ، وفي وقت الانتهاء والنضج : طبيخ التين وعقيد العنب ، وفي الابتداء ماء الحصرم وماء السماق ورب الجوز وإنما يصلح للإمساك في الفم والغرغرة لا أن يبلع فإنه ليس بنافع للمعدة كرب الرمان والسفرجل ، قال : ورب الجوز تطبخ عصارته حتى تغلظ قليلا ثم يخلط معها من العسل بقدر لا بكثرة ويطبخ وإن طبخت السماق بعقيد العنب كان دواء نافعا لوجع الحلق في الابتداء والانتهاء قال : والحلتيت أيضاً نافع لصلابة الأورام في الحلق والجوف ، قال : ومن الأدوية التي تصلح عند التحليل : طبيخ التين وطبيخ النخالة وماء العسل الذي قد طبخ فيه فوتنج أو جعل فيه بورق أو كبريت أو حلتيت ، وينفع من اللوزتين خطاطيف برية تحرق ويؤخذ رمادها آربعة مثاقيل زعفران وسنبل من کل واحد مثقال يعجن بعسل ويعالج به بحسب ما يحتاج إليه ، تؤخذ فراخ الخطاطيف فينثر عليها مع

 الحاوي في الطب ج (4)  ـ 81 ـ

  ريشها ملح ويسد فم الفخارة وضعه (1) في نار جمر حتى تحترق وتصير رماداً.
  وللهاة ، إذا وضعت عليها أدوية قابضة كالشب وبزر الورد / ونحوه فضعه عليها بمغرفة الميل واغمزها بها وليكن غمزك بها بأن تجرها ناحية اللسان فإن هذه النصبة أجود من النصبة المائلة نحو الحنجرة ، قال : ولا أعرف دواء أقوي في كل ورم يخاف أن يختنق صاحبه من زبل الكلب الأبيض إذا نخل بحريرة بعد أن يجفف ويلطخ الحلق به بعسل ورجيع صبي يطعم خبزاً وترمساً ويعني بهضمه جداً ويلطخ ايضاً بالعسل ، قال : اللهاة تعالج بالأدوية القابضة مع الغمز إلى خارج : وأجود أدويتها الشب اليماني لأنه ألطفها والقلقنت والزاج الأحمر يثورها ويهيجها ، وإن كانت علة اللهاة يسيرة والبدن نقياً فالأدوية القابضة تفي بإبرائها ، ومتى كان الجسم ممتلئا واللهاة ضعيفة فإنها قاتلة والأبدان تعالج بالمحللة مع المايعة ، وإن كان الوجع أشد فاخلط أيضاً مخدرة وابتداي ء من المحللة بالالين لئلا تهيج واعمل فيما تخلط على حسب ما تقدر من حرارة اللهاة وحمرتها أو ما يسيل منها وامتلاء الجسم ، والحلتيت أقوى شيء وأجوده في علاج اللهاة التي قد صلبت وطال ورمها واسلك فيها قوانين الخوانيق ، وإذا رأيت الورم يزداد صعوبة في الحلق واللهاة فصب في الأذن دهن لوز حلو وعاونه على التقيح بإدامة الغرغرة بطبيخ التين فإن غشي على العليل وخفت أن يكون قد بدأ يختنق عليك فاحقنه بحقنة قوية والفصد العروق / التي تحت اللسان والجبهة وعلق المحاجم على القفا وتحت الذقن بشرط كثير واستعمل التكميد من خارج دائماً والتضميد بالأشياء الفاترة واطل على الورم مرارة الثور وعصارة قثاء الحمار فإنهما بالغان قويان واجعل معهما عسلا واطله بر ماد الخطاطيف واعلق فمه على بخار طبيخ الفوتنج بقمع ليد خل منه کثير واجعل في ذنب القمع قصبة ولفها حتى يدخل البخار حلقه.
  آرخيجانس (2) : اسقه عند الاختناق بورقاً وماء وزيتاً.
  ج : أنا لم أستعمل ذلك لأني لم أعرفه بالتجربة والقياس للهاة جيداً.
  للخوانيق : عفصل شب بالسوية نوشادر نصف جزء.
  برود جيد للخوانيق من اختيارات حنين : طباشير وبزر الورد جزء ان فوتنج جزء عدس مقشر جزء زعفران خمس جزء عاقرقرحا خمساً جزء ورق الزيتون جزء تسحق كلها وتنخل بحريرة وتنفخ في الحلق فإنه نافع جداً.
  فيلغريوس : في مداوات الأسقام : خرؤ الكرب وذرق الطير / وخردل وعصارة قثاء الحمار يستعمل في الخوانيق بعد المنتهي عند ما تريد التحليل ، قال : وان غرغربت

**************************************************************
(1) کذا في نسخة ، والظاهر : وضعها.
(2) من عيون الأنباء ، ووقع في نسخة : أرجيجانس ، وفي نسخة أخرى : أرجنجانس.

 الحاوي في الطب ج (4)  ـ 82 ـ

  صاحب الخوانيق بخردل وعسل بعد المنتهي لم تحتج الى غيره وکذا ان سحقت بعضها وألزقتها في حلقه ، قال : وتقوى أدوية الخناق وإذا وقعت فيها عصارة قثاء الحمار ورجيع الناس والکلاب فإن مثل هذه الأدوية تبري الخناق ، ولو لم يکن قد افتصد قلل الغذاء ، وإذا استعملت هذه الأدوية لم تحتج إلى المحاجم التي توضع في القفا والکاهل ولا إلى فصد العروق التي تحت اللسان ، قال : وقد طالت تجربتي لرجيع الناس والکلاب في الخوانيق ولو استعمل وحده هذا العلاج لکفي ولقد رايت منه عجبا وخاصة رجيع الصبي الذي يطعم خبزاً وترمساً فإنه يخلص من الخناق المهلك.
  أطهورسفس (1) قال : تحرق الخطاطيف حتى تصير رماداً ويطلى في اليوم مرات كذلك وهي كذلك أنفع ما تكون ، واللبن الحار اذا تغرغر به جيد في الخوانيق لانه ينضج ، قال : لا تقطع اللهاة حتي تراها مسترخية ذابلة شبه السير / فعند ذلك فاقطعهاي فإنه لا يعرض من قطعها نزف ولا شيء من الأعراض الرديئة.
  قال : وان خنقت افعي بخيط کتان وربط ذلالک الخيط في عنق من به خوانيق سکن ورم اللوزتين.
  اغلوقن (2) : الذبحة فلغموني تكون في الحلق.
  الأعضاء الألمة : الذبحة الكائنة من دخول فقار العنق أكثرها تعرض للصبيان وأشدها الكائنة في الفقرة الأولى من فقار العنق ، وبحسب ميلها إلى أسفل تكون أقل رداءة إلا أن الفقار الأعلى أشرف.
  الذبحة خمسة أصناف : أحدها ورم الحلق وهو الموضع الداخل في الفم الذي ينتهي عند طرف الحنجرة ، والثاني لا يرى في هذا الموضع تورم أصلاً ولا في شيء من أجزاء الفم ولا الحلق ولا خارج العنق ويحس المريض مع ذلك بحس الاختناق والثالث يكون الورم خارجاً من موضع الحلق لا في الحلق نفسه ، والرابع أن يكون في الحلق وخارجاعنه وليس يعني بخارج سطح العنق الظاهر لکن يريد الذي يتصل بموضع الحلق من الفم ، قال : ومع هذا صنف آخر / وهو زوال الخرز وذلك عند ما يحدث بالموضع خراج فيمدد الخرز ويجذبه إلى داخل كالحال في الحدبة ، قال : أصحاب الخوانيق أغلظ ما عليهم الأمر وأشد في البلع إذا استلقوا وإذا انتصبوا كان أسهل عليهم وللانتصاب حظ عظيم في المعونة على نزول الطعام.

**************************************************************
(1) لم نظفر به في العيون.
(2) أغلوقن ذكره صاحب العيون في عشرة مواضع ، وهو أغلوقن البنضيني ، ومعنى أغلوقن باليونانية الأزرق ، وکان فيلسوفا ، وله کتاب فسره جالينوس.

 الحاوي في الطب ج (4)  ـ 83 ـ

  أنطليش (1) : اقطع اللهاة الرقيقة الطويلة التي تشبه ذنب الجرذ (2) الراكبة.
  اللسان فأما المستديره القصيرة السوداء ، أو الحمراء فإن قطعها خطر ، وصفة قطعه أن تغمز اللسان إلى أسفل وتمسك اللهاة بقالب البواسير وتجذب إلى أسفل ثم تقطع ولا تستأصل متى قطعت من قرب الحنك هاج لذلك انفجار الدم ولا تقطع كلها بل يقطع منها قليل قدر ما تبقي اللهاة الکائنة ، فإن انفجر الدم فعليك بالدواء الحاد وتوق ألا ينزل إلى الحلق أو يصيب اللسان.
  برود ينفخ في الحلق ، للورم الحار : ورد يا بس طباشير نشا بزر الورد بزر الرجلة عفص سماق سکر طبرزديتخذ ذرورا.
  من تشريح الحيوان الميت : کثير ممن قطعات لهو اتهم من أصولها / اضرت بأصواتهم ، وآخرون كانوا يحسون بشدة البرد إذا انتشقوا (3) فأورثهم لذلك سع الأ وكانوا أيضاً يسعلون من أدنى غبار يصيبهم أو دخان لأن اللهاة كانت قبل ذلك تمنع وصول ذلك إلى قصبة الرئة لأنها كانت تلتزق والهواء أيضاً لأنه يحتاج أن يدور وينقلب حتى يلطف ويسخن سخونة معتدلة قبل وصوله إلى قصبة الرئة.
  الساهر : انفخ في الحلق عند الورم الصعب : خطاطيف محرقة ونوشادر مثل ثلثه يجمع وينفخ في الحلق والخوانيق ، يغرغر منها في أول الأمر بما يمنع ثم بما ينضج فإن جمع مدة فبما يفجر كلعاب الخردل والخمير والتين ونحوها فإذا انفجر فبما ينقي أبو داود (4) : أمر أن تشال اللهاة بالسلك والنوشادر فإنه عجيبي.

**************************************************************
(1) کذا في نسخة ، وفي العيون : آنطيلس.
(2) قد سبق عليه التعليق.
(3) انتشق الماء في أنفه : صبه فيه.
(4) كذا في نسخة ، وأبو داود حسب ما بحثنا في ما عندنا من المراجع اثنان أبو داود اليهودي هو المنجم العراقي ، هذا منجم كان ببغداد قبل سنة ثلاثمائة وله يد مبسوطة في علم الحدثان والأخبار الكائنات وقد سلم له هذه الصناعة وحکوا اقواله وانتظروا وقوع ما يشعر به ـ تاريخ الحکماء لجمال الدين القفطي ص497 ، ولم يذكر في ذلك الكتاب أن له ، يداً في صناعة الطب ، والثاني أبو داود سليمان بن حسان يعرف بابن جلجل وكان طبيباً فاضلاً خبيراً بالمعالجات جيد التصرف في صناعة الطب ـ عيون الأنباء 2 / 9 : ، ولم يذکر صاحب العيون تاريخ ميلاده ولا وفاته ، الا انه ذکر فيه ص 8 ، وله من الکتب کتاب تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدوس ألفه في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة ، واعلم أن أبا بكر محمد بن زكريا الرازي توفي سنة مائتين وتسعين ونيف أو في سنة ثلاثمائة ونيف على اختلاف الأقوال ـ معجم المؤلفين ، وقال في تاريخ الحکماء ص 271 : ودبر (الرازي) مارستان الري ثم مارستان بغداد زماناً ثم عمي في آخر عمره وتوفي قريباً من سنة عشرين وثلاثمائة هذا قول القاضي صاعد بن الحسن الأندلسي وذكر ابن شيران في تاريخه أنه توفي سنة أربع وستين وثلاثمائة.

 الحاوي في الطب ج (4)  ـ 84 ـ

  لي : جربت أنا العفص والنوشادر ، والذي لأبي داود ألطف وأحسن /
  لي : إصلاح من المنجح لابن ماسويه : للخوانيق أربعة حدود أولها أن يغرغر بما يمنع المادة وهي المياه القابضة والباردة كماء الهندباء وعنب الثعلب والخلاف والطرفا وطبيخ العدس ونحوها فإذا انتهى وأردت التحليل فبالشراب والمر والزعفران ونحوها ، فإن أردت الإنضاج فغرغر باللبن الحليب والسكر وبعقيد العنب وبنخالة السميذ والسكر وبشيرج التين ، وان آردت اقوي فبطبيخ التين ويلقي فيه خردل ، فاذا انفجر وقاح فبما ينقي القيح مثل ماء العسل فإذا تنقى فمل إلى القابضة ليقوى الموضع ويندمل.
  آهرن : لا تقطع اللهاة حتى يدق اصلها ويغلظ طرفها ويکون / في الطرف رطوبة. كالقيح ، وإذا صارت كذلك فاقطعها إن شئت بحديد وإن شئت بأدوية كالحلتيت والشب فإنها تقطعها.
  لي : إذا قطعت اللهاة قل صبر صاحبها على العطش وصار مستعداً للسعال من أدنى سبب من الغبار والدخان والهواء البارد لوصولها إلى الحلق بسرعة.
  دواء أهرن : لاسترخاء اللهاة وسقوطها : عفص أخضر غير مثقوب يسحق بخل ويلزق على اللهاة فاتراً يقبضها وترتفع وضع منه على اليافوخ واطله على قرطاس | وخاصة للصبيان ، أو يفتح فمه ويستقبل به دخان عيدان الشبث فإنه يقبضها وترتفع ، أو يتغرغر بماء الجبن أو الرائب الحامض مع ملح ، وينفع من اللهاة والحر والبشر وابتداء الخوانيق الحارة أن تنقع سماق في لبن حليب ويتغرغر به في اليوم عشر مرات وينفع من كل ورم في الحلق يجاوز أسبوعاً أن ينقع حلتيت في خل ويتغرغر به في اليوم.
  لي : جربت في نفسي ورأيت أن أجود ما يكون أن ساعة ما يحس الإنسان بنزول اللهاة والخوانيق يتغرغر بخل حامض قابض مرات كثيرة فإنه يخرج منه بلغماً كثيراً لزجاً ويقلص اللهاة من ساعته ، والورم في الحلق أكثر بلغمي والخل موافق جداً لقطع ماحصل ويمنع ويردع فلا شيء مثله ، وبحسب حدة العلة يجب أن يکون / الخل هو؟ أقبض وإذا لم تكن حادة فلتكن أحد وأقل قبضاً.
  سرابيون : إذا حدث في أصحاب الخوانيق زبد في أفواههم لم يبرؤوا ، وقال : الفصد القيفال في الخوانيق وأخرج الدم قليلاً إلى اليوم الثالث والرابع يخرج في كل يوم مرات كل مرة شيئاً قليلاً لأن الاستفراغ دفعة يجلب غشي ويجلب الاختناق سريعاً لأن الفضلة تنجذب إلى الحلق سريعاً وأصحاب الخوانيق يضعفون لأنهم لا يغتذون فيجب أن تسقط قوتهم ، وإذا ضعفوا وصعب الأمر فلا تؤخر فصد العروق التي تحت اللسان ولا تدعه يومه إلى غد البتة واحقن بحقن حادة فيها شحم حنظل إلا أن تكون حمي حادة فلان کانت حمي خفيفة فاسقه ماء الشعير قد طبخ فيه مثل نصف الشعير

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 85 ـ

  عدساً فإنه يقمع حدة الدم ، وغرغره في الابتداء بماء عنب الثعلب وطبيخ الورد والسماق ورب الجوز والتوت ، وفي الوسط بطبيخ التين والخيارشنبر ونخالة السميذ وماء العسل والمي فختاج ، وبآخره خرؤ الکلاب والکبريت ودواء الحرمل ودواء الخطاطيف وزبل الناس وعصارة قثاء الحمار.
  ابن ماسويه : الخوانيق لا تعرض من سوداء لان ذلک لايکون بالا في زمن طويل لأن الورم السوداوي يحتاج إلى مدة طويلة.
  مجهول : من خنق فأزبد فلا تعالجه فإنه لا يبرأ ، فأما من لم يزبد فصب في حلقه لبناً مع فلفل كثير وبزر قريص (1) المسحوق بخل ثقيف ، فإذا ظهرت حمرة إلى خارج بريء لا محالة ، والغريق ينکس رأسه ليسيل الماء ثم يدخن حتى يتنفط.
  آخر : أكثر ما يعرض للهاة من الأمراض الاسترخاء ، وربما كان فيها كلها ، وربما كان في طرفها وأصلها ، وعلاجها القطع بعد الفصد والغراغر المبردات ، وإذا كان في أصل اللسان ورم فتوق الحديد فإنه يخشى منه النزف ، وإن كان في طرف اللسان فلا خوف عليه من النزف ، وعلاج استرخاء اللهاة بعفص ونحوه.
  لي : علامة استرخاء اللهاة أن تجدها قد سالت وطالت من غير ورم ، فأما الوارمة فتجدها قد غلظت.
  مجهول : علامة الخناق الصفراوي : الوجع الشديد والعطش واللهيب وکان في الحلق خلاً حامضاً وله مضض شديد وهو عسر البرء ، والذي من الدم فالحمرة في الوجه وامتلاء العروق وكأن في فيه شراباً ، والبلغمي لا وجع معه غالباً ويسترخي لسانه ويخرج إلى خارج ، وعلاجه / في الابتداء إلى الرابع : الفصد والدافعة ، وبعد الرابع : بميفختج وخيارشنبر ورازيانج وقطع العروق التي تحت اللسان ، والحلتيت بالعسل نافع في آخر هذه العلة ، وإذا فصدتهم فأخرج لهم الدم في أيام كثيرة في كل يوم مرات قليلاً قليلاً لتجذب المادة ولا تسقط القوة وشد أطرافهم لتميل المادة إليها.
  ابن ماسويه : إن استرخت اللهاة فاكبسها كبساً بنوشادر وإهليلج وعاقرقرحا وشب مفردة ومركبة ، وإن كان مع ذلك استرخاء في اللثة فالفصد الجهارك واحجم تحت الحكمة وغرغر بخل وسماق ـ إن شاء الله.

**************************************************************
(1) هكذا في نسخة ـ آخره صاد مهملة وكذلك في بحر الجواهر ، وقال ـ بالضم والتشديد : بزر الأنجرة ، وفي الجامع للمفردات قريض ـ آخره ضاد معجمة : انجرة.

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 86 ـ

باب في التنفس

  قالج في سوء التنفس : النفس مرکب من حرکتين احداهما جرة الهواء الى داخل والأخرى دفعه إلى خارج ، وله وقفتان من هاتين إحداهما الوقفة التي بين أجزاء الانبساط وابتداء الانقباض وهو (1) أقصرهما ، والأخرى التي بين آخر الانقباض وأول الانبساط وهي أطولهما ، قال : إذا كان الفضل الدخاني قد اجتمع منه شيء كثير كانت حركة الهواء إلى خارج وهو الانقباض سريعاً عظيماً وبالضد ، لأن الطبيعة تحتاج أن تدفع منها أكثر من دفعها فى الحالة الطبيعية ودفعها بالانقباض فإن كانت الحاجة إلى التبريد بالهواء شديدة كان الانبساط كذلك وينبغي أن تقيس كلا إلى حالته الطبيعية لأن حركة الانقباض / في كلهك الشباب أقوى بالطبع لأن حاجتهم إلى إخراج البخار الدخاني أكثر وكذلك في الأوقات والأمزاج فإن الحارة تكسب عظماً وتواتراً والبارد على ضد ذلك ، وفي حال النوم يكون الانقباض أسرع وأعظم لأن الهضم هناك يكون فتكثر البخارات الدخانية ، والاستحمام الحار تجعل النفس سريعاً عظيماً ، والبارد على ضد ذلك ، وجميع الأمراض الحارة تجعل النفس عظيماً سريعاً متواتراً وخاصة متى کانت في آلات النفس العظيم الکثير الانبساط والانقباض ، والسريع الذي يسرع في إدخال الهواء إذا أدخل وفي إخراجه إذا أخرج ، والمتواتر الذي ينقص فيه زمان السكون وهو زمان الانقباض.
  قال : وفى الأمراض الباردة بضد ذلك إذا كان الصدر ألماً صار النفس صغيراً متواتراً لأن الصغير لحركته وقلة الحركة أقل لوجعه ، وإنما يصير متواتراً منه بالتواتر ما فاته بعظم ، فإن لم يكن لهيب وحرارة مع ذلك في القلب وغيره نقص التواتر وأبطأت حركة الصدر لأنه يحتاج إلى السرعة ويصعب عليه لوجعه فلا يفعله ، وإن كان اللهيب قائماً فالحاجة إلى استدخال الهواء الكثير قائمة فإنه يزيد في التواتر كلما نقص من العظم لأن التواتر أخف عليه وأقل لوجعه من أن ينبسط انبساطاً كثيراً لعظم الحركة وطول مدتها فإن في أوجاع الصدر التي ليس القلب ملتهباً معها ينقص عظم الانبساط ويزيد في التواتر.

**************************************************************
(1) كذا في نسخة ، والظاهر : هي ـ أي الوقفة.

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 87 ـ

  فإن كان القلب مع ذلك متواتراً والنفس الذي يكون من أورام صلبة وسدد وبالجملة لضيق في آلات النفس يكون صغيراً متواتراً ، والسبب في ذلك أن ما يجذب من الهواء قليل فيحتاج أن يجذب بسرعة ما كان يبلغه بسعة المجرى ، والضيق يكون في آلات النفس على وجهين إما فيه نفسه كما يعرض في الربو والأورام وإما لشيء يضغط آلات النفس كالحال في الاستسقاء والحبال وورم الكبد والطحال وعند الشبع أو من أجل جذبه من خلف أو قدام ، وتفرق بين الضيق الكائن مع وجع والذي لا وجع معه أن الذي معه وجع تقل سرعته إلا أن يكون مع حمى فإن كان مع حمى أفرط التواتر.
  وإن كان الهواء الخارج بالنفس أسخن وليس هذا في الضيق فقط ، الذي بلا وجع النفس العظيم المتفاوت يدل على اختلاط العقل لأن المختلط يشتغل بأشياء تصده عن أن يتنفس فإذا أكدته أخذ من النفس ضربة ما فات فيعظم لذلك وتطول مدة الانقباض وهذا لامساکه عن النفس ويکون التنفس مختلفاً للعلة التي يختلف لها النبض / ويکون اختلافه مرة بسرد ونظام ومرة بلا سرد (1) ولا نظام مثل النبض إذا عرض في إدخال الهواء أو في إخراجه سكون قبل استتمامه كأنه يجتذب الهواء في دفعتين أو يخرجه فقصبة الرئة مملوءة أخلاطاً ورطوبات ، ويكون إما في الشوصة وإما في ذات الرئة ، ولا بذ فى حدوث التنفس المختلف أن تكون قصبة الرئة ضيقة لأن التنفس المختلف يحدث إذا كان في آلات النفس وجع أو شيء مانع من البسط فتميل القوة مرة إلى تخفيف الوجع فيصغر الانبساط فذا اشرفت على الاختناق مالت الى تعظيمه فعظمت الانبساط.
  أصحاب الوجع الذين يتنفسون نفساً صغيراً وبهم مع ذلك حاجة تدعوهم إلى عظم الانبساط يتنفسون نفساً عظيماً بيناً وذلك أن العظيم يوجعهم فإذا أشرفوا على الاختناق استعملوه ضرورة.
  من اختلط ذهنه کان نفسه عظيم الانبساط ، ومن نقص حره الغريزي کان انبساطه صغيرا وکانت مع ذلل عودته بطيئة.
  من کان به وجع مع زيادة الحاجة إلى التنفس كان انبساطه عظيماً متواتراً ، وكذلك من كان به ضيق آلات النفس ، فإذا كان مع ذلك حر كان التواتر أسرع. وربما دعت الضرورة أن يتنفس نفساً عظيماً للعلة التى ذكرنا . وبقى من أصناف سوء النفس واحدة / وهي العظيم السريع وهذا يكون عند شدة الحاجة ومؤاتاة الآلة.

أصناف سوء التنفس

  إما عظيم متواتر وإما عظيم متفاوت وإما صغير سريع متفاوت هذا في الانبساط

**************************************************************
(1) ويسرد اي بسباق ونظام.

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 88 ـ

  ومثل هذا في الانقباض ، والانقباض جملة يدل على الحاجة إلى ما يحتاج إليه أن يخرج ، والانبساط إلى ما يحتاج أن يدخل ، فلذلك إذا غلبت الحرارة الدخانية على القلب كان الانقباض أعني إخراج النفس عظيماً سريعاً ، مثال انزل أن اجتذاب الهواء إلى داخل صار أصغر وأبطأ وإخراجه ودفعه إلى خارج صار أعظم وأقوى ، أقول : إن صاحب هذه الحال قد نقصت حرارته الغريزية وزادت فيه الحرارة الدخانية وبالضد ، الانبساط العظيم اذا کان مع تواتر دل على شدة الحاجة ، واذا کان مع تفاوت فعلي اختلاط الذهن ، النفس العظيم إذا كان متواتراً دل على شدة الحاجة ، وإذا كان مع تفاوت فعلى اختلاط الذهن ، النفس الصغير يدل على الوجع وإما على الضيق وإما على قلة الحاجة ، فإذا كان التواتر دل على الوجع وإما على الضيق وإما على قلة الحاجة ، وإذا كان مع تفاوت.
  لي : ويفرق بين الوجع وبين الضيق أن الضيق يدوم الصغر فيه ، والوجع ربما وقع في الوسط واحد عظيم لأنه في أكثر الحال / تكون الحاجة معه أسرع أو باحتباس شق. الوجع ، وبأن الذي من الضيق إن حمل نفسه على نفس عظيم كان كأنه لا يمكنه ، فأما الذي يكون من وجع فيمكنه لكن يوجعه وله مثل الأصناف التي قدمنا من السرعة ومعنى السرعة إدخال الهواء وإخراجه سريع متواتر سريع متفاوت بطيء متواتر بطيء متفاوت ، ومثل ذلك في الانقباض وهو إخراج الهواء فذلك ستة عشر : ثمانية في الانبساط وثمانية في الانقباض ، وذلك أن المفردات ستة : عظيم وصغير ، وسريع وبطيء ، ومتفاوت ومتواتر. فالعظيم والصغير يكونان في كيفية الإدخال والإخراج ، والسريع والبطيء في سرعة حركته الإدخال والإخراج ، والتواتر والتفاوت في الزمان الذي بين آخر الانقباض واول الانبساط ، والتنفس الکثير المتواتر القليل السرعة يکون عن وجع مع تزيد الحاجة ، والقليل المتواتر الكثير السرعة يدل على تزيد الحاجة ويلزمه العظم ضرورة ويلزم الأول الصغر ضرورة ، وأما المتواتر البطيء فيسقط لأن ما ينذر به بين مما قدمناه ، والمتفاوت السريع يسقط أيضاً لأن أمره بين من الأول ، والبطيء المتفاوت قد علم مما تقدم ويحصل مما يدل ستة أصناف فقط ـ وتسقط الباقية لان دلائلها داخلة فيما تقدم ـ عظيم متواتر عظيم متفاوت صغير متواتر صغير متفاوت بطيء متواتر سريع متفاوت فتختلف وتسقط الباقية والاختلاف يدل على / ما با ذكرنا فحصل ذلك وجرده وهذا بعد أن تتفقد أمر عادة الرجل في نفسه لأن الناس يتنفسون ضروباً بعد أن تكون آلة الصدر سليمة من الاسترخاء والتشنج ، وربما اختلط الذهن ولم يکن النفس عظيماً متفاوتاً وفي هذه الحال يکون وجع مانع من عظم النفس فيضملک الى صغره ولصغره الى تواتره.
  سوء التنفس يعرض دائماً مع الورم الحار في جميع آلات النفس والصدر

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 89 ـ

  والجنب والرئة والحجاب وفى أورام الكبد الحارة الفلغمونية وخاصة إن كان في حدبتها وفي ورم عظيم في الطحال وخاصة کان منه في أعلاه ، وأعلاه هو الذي إلى الرأس أقرب فإنه يعرض لجميع هؤلاء نفس صغير متواتر ويتولد أيضاً من ورم الأمعاء ولو في القولن (1) إذا كان ورماً فلغمونياً وفي المستسقين والحبال وأصحاب البطون العظام والمتلئين وأصحاب الربو والمدة واعوجاج الصلب يصير صغيراً متواتراً للضيق وفي الذين ذكرناهم أولا للوجع إذا كان الوجع شديداً جلب اختلاط العقل 4 . وجعل النفس / صغيراً متواتراً ، وإذا كان اختلاط الذهن عظيماً والوجع ضعيفاً جداً لم الحجاب يتغير نفسه عن العظم والتفاوت ، والورم في الطحال لا يکاد يكون عظيماً.
  قال أبقراط في المقالة السادسة من أبيذيميا : التنفس منه الصغير المتواتر والصغير المتفاوت والعظيم المتواتر والعظيم المتفاوت ، والعظيم إلى خارج والصغير إلى داخل ، والعظيم إلى داخل والصغير إلى خارج والممتد (2) والمسرع والاستنشاق بعد الاستنشاق والحار والبارد ، وحكي عن أبقراط أنه قال في الأمراض الحادة : إن التنفس المتواتر يجفف الرئة ويتعب ما دون الشراسيف ومراق البطن.
  ج : إن أبقراط وصف في هذا القول أصناف التنفس الرديء ، وأقول : إن التنفس مركب من جزأين ، أحدهما إدخال الهواء والآخر إخراجه ويلزمه بالعرض سكونان أحدهما الذي من بعد إدخال الهواء قبل أن يروم إخراجه ، والآخر بعد خروج الهواء من قبل إدخاله ، والنفس العظيم هو الذي يدخل فيه الهواء أكثر مما يخرج ، والصغير ضد لذلك ، والمتفاوت متى كان الصدر يسكن أكثر من السكون الطبيعي ، وإذا كانت مدة قصيرة کان متواتراً ، ولذا ترکبت / هذه کان منها آربعة تراکيب : المتواتر الصغير والمتفاوت العظيم والمتفاوت الصغير والمتواتر العظيم ، والعظيم إلى داخل والصغير إلى خارج هو الذي يستنشق هواء كثيراً ويخرج قليلاً وضده الممتد هو الذي يكون في مدة طويلة ، والمسرع ضده يكون في مدة قصيرة ، والذي يستنشق في مرتين والذي يخرج الهواء في مرتين ، وكل شيء يستحق أن يذكر في باب قد رددناه إليه ، قال : ومن بردت آلات النفس منه فناله من ذلك سوء النفس فالنفس الصغير جيد له والنفس الذي يتحرك منه ورقتا الأنف يعرض لمن يصير إلى حال الاختناق من الذبحة أو من

**************************************************************
(1) وقولن لعله مخفف من قولون ، وهو معي متصل بالأعور وأكثر تولد القولنج فيها والقولنج يشتق منها ، وهو بضم القاف وسکون الواو وفتح اللام مرض آلي يعرض في الأمعاء الغلاظ لاحتباس غير طبعي ويوجع وقد يقوي فيقتل بخلاف الصداع ـ بحر الجواهر.
(2) الممتد هو الذي يكون في مدة طويلة.

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 90 ـ

  ذات الرئة أو غيرها من أمراض الصدر أو لمن خارت قوته وضعفت وفي هؤلاء ترى أعالي إلى ما يلي الكتفين يتحرك ، ويسمي الأطباء هذا النفس نفساً عالياً فإن الإنسان ما دام في صحته وكان فاراً من حركة إرداية مزعجة فإنما يتنفس بأسافل صدره مما يلي الحجاب ، فإذا احتاج أن يستنشق استنشاقاً أكثر حرك مع أسافل صدره ما يتصل من فوق ، فإذا احتاج إلى ذلك حاجة شديدة جداً حرك مع ذلك أعالي صدره مما يلي الكتفين حتى يحرك الصدر حركة استكراه أو كما يعرض في حال الصحة لم يحضر إحضارا شديدا.
  من الأمراض الحادة : قال : يعرض النفس / المتواتر والعظيم عند انضغاط كية الحجاب من الأطعمة الكثيرة المحتبسة وذلك أنه يجب ضرورة أن يقل الهواء عند الإدخال من أجل ضغط المعدة للحجاب ، فلكي يستتم الحيوان ما يحتاج إليه إما أن ينبسط الصدر بسطاً واسعاً كثيراً وإما أن يواتر ذلك.
  من مختصر في النبض على رأي ج : التنفس مركب من انبساط وانقباض ووقفتين ، إحداهما قبل الانبساط والأخرى قبل الانقباض والوقفة التي قبل الانبساط اطول کثير من التي قبل الانقباض ما دام الجسم بحاله الطبيعية وكذلك مدة الانبساط أطول وإدخاله الهواء في وقت أبطأ ومدة الانقباض أقصر ، وإخراجه الهواء في وقت أقل ، أو الوقفتان يتبعان في الطول والقصر طول وقت الانبساط والانقباض فيطولان ويقصران بطولهما وقصرهما ، وأمره شبيه بأمر النبض فاقرأ باب النبض واستعن به.
  وإذا كان النفس إلى خارج سريعاً كانت الوقفة قبله قصيرة ، وإذا كان بطيئاً كانت طويلة لأن التنفس إلى داخل يعني في الانبساط إنما يكون سريعاً عند فضل حاجة إلى الهواء البارد ، وكذلك يكون مدة الوقفة بين الانبساط والانقباض قصيرة لمبادرة الطبيعة إلى إدخال الهواء البارد وإذا كان التنفس إلى داخل بطيئاً كان / الأمر في الوقفة التي قبله لك على الضد لأن الطبيعة لا يحفز بها شيء إلى سرعة اجتذاب الهواء وعلى هذا القياس يجري أمر التنفس إلى خارج وهو الانقباض وذلك إنما يسرع إذا كان البخار الدخاني في القلب والعروق يحفز الطبيعة لإخراجه وافهم مثل هذا في النبض انبساطه وانقباضه.
  تقدمة المعرفة : التنفس المتواتر يدل على ألم في المواضع التي فوق الحجاب ، وإذا كان عظيما ثم كان في ما بين مدة طويلة دل على اختلاط العقل ، وإذا كان يخرج من المنخرين والفم وهو بارد فإنه قتال ، لأن التنفس عند الألم يكون صغيراً متواتراً ، وأما عند الالتهاب فعظيماً متواتراً ، وأما المتفاوت وهو الذي يكون في ما بين مدة طويلة فإنه إن كان عظيماً دل على اختلاط الذهن ، وإن كان صغيراً دل على انطفاء الحرارة وقلة الحاجة إلى التروح ، والذي يخرج بارداً على ذلك يدل على سلامة

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 91 ـ

  القلب والرئة والحجاب على أن الأعضاء التي تتصل بهذه ليست بها علة مؤلمة ولا ورم حار أعني المعدة والكبد والطحال لأن هذه تلاصق الحجاب ومتى لم يكن في هذه التهاب شديد ولا ورم حار في الأمراض الحادة فليعظم الرجاء في السلامة.
  الفصول : إذا كان التنفس منقطعاً قبل الاستتمام إما في الانبساط وإما في في الانقباض وأما فيهما فيدل على تشنج لأن ذلك يكون قد / نال عضل الصدر طرف من التشنج ، فإن عظم ذلك أدنى عظم نال صاحبها التشنج.
  لي : أعد النظر في المقالة الأولى من سوء التنفس وضعها على ترتيب ونظام كما فعل جالينوس وتفصل ما ترى مما نقول مثال ذلك نقول : إن التنفس مركب من إدخال الهواء وهو الانبساط والوقفة التي تكون قبل أن تبدأ بإخراج الهواء أعني الانقباض والوقفة التي تکون بعده حتى تبداً بانبساط ثان فهذه اربعة اجزاء ، حرکتان احداهما انقباض والأخرى انبساط ، وسكونان أحدهما قبل الانقباض والآخر قبل الانبساط ، والذي قبل الانقباض أقصر بالطبع من الذي قبل الانبساط وكأن النفس إنما هو ثلاثة أجزاء : الانبساط والسكون الذي بعده والانقباض ، لأن النفس الواحد يتم بهذه الثلاثة المعانى ، فأما السكون الذي قبل الانبساط فإنه مشترك فيما بين النفسين ولكن بجهة الثلاثة تم الأمر أن يقال : إن له أربعة أجزاء أول ويلزم النفس من جهة الحركة ثنتان إحداهما السرعة والاخر العظم والسرعة وضدهما إدخال الهواء وإخراجه في مدة أقصر ، والعظم هو بسط الصدر أو قبضه في مسافة أعظم ، ومن السكون المتفاوت والمتواتر فتصير اصناف التنفس ستة : عظيم وصغير وسريع وبطي ء ومتفاوت ومتواتر ، با فاما المرکبة فستة عشر صنفاً لان ترکيب العظيم مع الصغير / والسريع مع البطيء والمتفاوت مع المتواتر تسقط لأنها أضداد وتسقط أيضاً عكوس كثيرة.
  لي : يمكن أن يؤخذ الدليل من النفس أبين وأوضح منه من النبض في بعض الأحوال فإذا رأيت النفس يدخل سريعاً ويخرج سريعاً فإنه على حرارة ويجب أن الثالثة من الأعضاء الآلامة : قال : سوء التنفس الذي له فترات ودفعات ويكون ـ خروجه ودخوله بکره شديد. قال : يکون بسبب السکتة.
  الرابعة : (1) وفي الربو وضيق الآلمة بالجملة وفي ضعف القوة : قد ينبسط الصدر انبساطاً کثيراً بالا أنه لايد خله هواء کثير ولايکون للهواء فيه خروج ينفخه ضربة كالحالة عند الحرارة الكثيرة في الصدر ، قال : عظم النفس الذي يتحرل فيه جميع

**************************************************************
(1) أي من الأعضاء الألمة.

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 92 ـ

  الصدر يكون إما لحرارة شديدة فى الصدر وإما لضيق وإما لضعف القوة وإما لها كلها إلا أنها إن اجتمعت كلها مات العليل على المكان ، وإن اجتمع اثنان يعسر ما يتخلص ، فإذا كان من حرارة مع ذلك تواتر ونفخة وسرعة وهو حار يخرج منه وهو يتروح إلى البارد ، وإذا كان من قوة ضعيفة فإنه لا يكون تواتر ولا سرعة ولا نفخة إلا أن يحفز مع / ذلك حرارة شديدة وله فيما يخصه انقباض ورقتي الأنف ، قال : وكذلك كجك من كان ينبسط صدره أعظم ما يكون لسبب ضيق فإنه لا يخرج معه نفخة ولا هو حار إلا أن يكون مع ذلك حرارة كالحال في ذات الرئة فإن هؤلاء يتنفسون التنفس العظيم جداً المتواتر السريع ولا يكفيهم ذلك فضلاً عن غيره ، والذين بهم ربو يبسطون الصدر کله لکن لا يکون هانال تواتر ولا نفخة ولا هواء حار ، والذين بهم مدة في الصدر بلا هواء حار ونفخة ولا يكون أيضاً هؤلاء يختنقون سريعاً لأن قوتهم تكون قد سقطت لأن كل من جمع في صدره مدة قد بلغ إليه الضعف ضرورة ومع أصحاب ذات الرئة والربو باقية. وجملة فالنفخة خاصة بالحرارة الكثيرة ، وأصحاب الذبحة أيضاً يتنفسون كهذا التنفس إلا أنه يكون مع سرعة وتواتر لأن النفس يدخل قليلاً فيحتاج أن يستلحق ما قد فات فأما نفخة فلا تكون. وأما العظيم المتفاوت فهو يدل على اختلاط عقل فقط ، والصغير المتفاوت يدل على برد في القلب وغنى عن التنفس ، والصغير المتواتر يدال على وجع في آلات التنفس ، والذي ينقطع بسکون يسير ثم يتنفس وهو المتضاعف كنفس الباكي يكون / إما لتشنج في آلات النفس وإما من أجل حرارة كثيرة لها تضطر العليل إلى شدة المتواترة فى إدخال النفس وإخراجه فأما تعطيل النفس وهو الذي يبلغ من صغره ألا يلحقه الحس فهو من علة تحدث في الدماغ. قال : التنفس الذي ينبسط فيه الصدر كله إذا كان بلا حمى فإنه إما أن يكون في الرئة خلط غليظ أو مدة حواليها أو في قصبتها وحينئذ فالفصل بين هذين فإن النفس الذي معه تحير يدل على أن الذي في الرئة رطوبات فإنه منها في قصبتها ، والذي بلا تحير يدل على ورم لم ينضج في الرئة أو حواليها خارجاً عنها أو رطوبات حولها خارجاً وإذا حدث مثل هذا التنفس بغتة فاعلم أنه قد سال إلى الرئة من الرأس أو من غير مادة ، وأما إن كان معه قبل ذلك ذات جنب فلم تستنق جيداً فاعلم أن ذلك مدة. الاولي؟ من سوء التنفس : قال : التنفس مركب من إدخال / الهواء وإخراجه من

**************************************************************
(1) لعله هو كتاب في رداءة التنفس الجالينوس ، لكنه ذكر أصناف سوء التنفس في المقالة الثانية كما هو منقول في عيون الأنباء 97 / 1 : (كتاب في رداءة التنفس) هذا الكتاب جعله في ثلاث مقالات وغرضه فيه أن يصف أصناف النفس الرديء وأسبابه وما يدل عليه وهو يذكر في المقالة الأولى منه أصناف التنفس وأسبابه ، وفي الثانية أصناف سوء التنفس وما يدل عليه كل صنف منها ، وفي المقالة الثالثة يأتي بشواهد من كلام أبقراط على صحة قوله.

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 93 ـ

  سكونين : أحدهما بعد إدخال الهواء وهو أصغر والآخر بعد إخراجه وهو أطول بكمية.
  قال : والتنفس المعتدل هو الذي يحفظ أجزاؤه هذه يلمد فيه الخاص في الكمية والكيفية قال : والخروج عن الاعتدال يلزم الحركتين أعني دخول الهواء وخروجه في الكمية والكيفية لأن الحركة مركبة من مقدار المسافة التي فيها تكون ومن مقدار الزمان ، فأما السكون فهو واحد للبسط فلذلك إنما اعتداله وخروجه عن الاعتدال في الكمية أعني في مقدار الزمان الذي فيه يكون ، قال : فيخص من هاهنا أن أصناف سوء المزاج البسيطة ستة : السريع والبطيء والعظيم والصغير والمتفاوت والمتواتر قال : ونحن قائلون في تعريف هذه ثم في أسبابها ، ثم يقول في المركبة قال : السرعة والبطؤ والعظم والصغر تقال في الحركتين أعني في إدخال الهواء إلى داخل وفي إخراجه فيقال : إذا كان يدخل هواء كثير أو ينبسط الصدر في مسافة طويلة عظيماً. وإذا كان بالضد صغيراً ، ويقال إذا كان يدخل الهواء في زمن قصير ويخرجه في زمن / قصير ، وإذا كان يدخله في زمن طويل بطيئاً ، قال : وأما التفاوت والتواتر فيقالان في السكونين اللذين قبل الانبساط والذي قبل الانقباض ، قال : وأما التياث (1) التنفس فإنما يؤخذ من الأشياء الفاعلة لها ، قال وهي ثلاثة : القوة الفاعلة للنفس والآلة التي يکون بها والحاجة التي لها يکون ، قال : متى کانت هذه الثلاثة بالحال المعتدلة للحيوان كان النفس طبيعياً معتدلاً ، ومتى حدث في شيء من هذه حادث فلا بدّ أن يعرض في النفس ضرر من أجل ذلك الحادث بقدر عظم الحادث وصغره. قال : واعلم أن علم التنفس ليس بدون النبض في المنفعة وهو أبين مه ويشاركه في أسباب كثيرة ، قال : وقد أوضحت في كتاب النبض أن سرعة الحركة تكون من أجل تزيد الحاجة وقوة المؤاتاة ومؤاتاة الآلة فإن حفزت الحاجة أشد فإنه قد يمكن وإن كانت القوة ليست بالقوية فإنه لا يمكن حينئذ أن تكون حركة سريعة بل يكون يدل على السرعة تواتر لأن التواتر في جميع الأفعال إنما يكون عند تقصير الفعل عن مقدار الحاجة لعظمه وسرعته فتحفز الحاجة عند ذلك إلى أن تقل مدة ترك الفعل حتى يسرع الرجوع. ـ ـ لي : الذي بين في النبض أن العظم يحتاج إلى قوة قوية وآلة / مؤاتية وحاجة داعية فإذا تزيدت الحاجة أكثر فعند ذلك تتزيد السرعة ، قال : وعظم التنفس أيضاً. يحتاج إلى أن تكون الحاجة داعية والقوة قوية والآلة مؤاتية ، قال : وأما الصغر. والإبطاء فليس يحتاج في كونهما إلى أضداد هذه ضرورة بل قد يكتفي بواحدة من هذه لأنه إن نقصت الحاجة نقصاناً كثيراً نقص لذلك العظم والسرعة وإن كانت القوة قوية

**************************************************************
(1) الالتياث : الاختلاط والالتباس.

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 94 ـ

  لأن الحيوان قد استغنى ثم استعمل آلته وقوته ، وكذلك إن ضعفت جداً ثم كانت الآلة مؤاتية والحاجة شديدة وكذلك إن حدث في الحالة مانع وكذلك الحاجة والقوة باقيتين فإن العظم والسرعة ينقص بقدر الشيء الذي يوجد ، قال : تزيد الحاجة إذا كانت سائر الأشياء لا علة فيها يتزيد أولاً العظم ، فإن تزيدت الحاجة أكثر تزيدت السرعة فاعلم أن الحرارة قد زادت ، أقول : إنه إن كان تزيدها يسيراً فإن الانبساط يكون أعظم مما كان بأمر بين ، وإن تزيدت الحرارة تزيداً كثيراً فإنه يكتسب مع العظم سرعة ، وإن تزيدت أيضاً فمتواترة فإن نقصت الحرارة وهو معنى قولنا نقصت الحاجة وكانت الآلة والقوة بحسبهما فإن أول ما ينقص التواتر ثم بعده السرعة ثم العظم حتى يکون النبض أشد تفاوتاً من الطبيعي بمقدار وأبطأ منه بمقدار معتدل وأصغر بمقدار يسير لأن القوة ما دامت قوية لم يمكن أن يكون الانبساط أصغر من المقدار / الطبيعي بشيء كثير ولا للمد أبطأ منه بشيء كثير جداً لكن يكون التفاوت في غاية الطول إن كانت الحاجة قد نقصت نقصاناً قوياً كثيراً ، قال : وكذلك الحال في الانقباض إلا أن شدة الحاجة في الانقباض إنما يكون لتزيد البخارات الدخانية التي تحتاج أن تخرج فإنه إذا كانت الحاجة إلى إخراج هذه البخارات شديدة لكثرتها أو لحدتها كان الانقباض أعني خروج النفس سريعاً عظيماً متواتراً ، ويكون بطيئاً صغيراً متفاوتاً فى ضد هذه الحالة ، وعلى مثال هذه الحالة في الانبساط يكون هاهنا أيضاً ، فإنه إذا ذهبت الحاجة نقص أولاً زمان السکون الذي قبل الانبساط ثم سرعته ثم العظم.
  قال : والحال في استفراغ الروح النفساني وتحلله كالحال في تزيد الحرارة فإن الذين يستفرغ منهم يتنفسون عظيماً سريعاً متواتراً ، والذين لا يستفرغ منهم فبالضد ، فإن اجتمع تزيد الحرارة إلى استفراغ الروح كأن النفس إلى داخل أسرع وأعظم وأشد تواتراً وبالضد وبالخلاف ، قال : وأما الانقباض فإنما يكون عظيماً سريعاً متواتراً إذا كانت هذه الفضول الدخانية كثيرة ويكون صغيراً بطيئاً متفاوتاً ، وإذا كانت هذه الفضول قليلة.
  قال : وأما الأسنان فالسن التي فيها الحيوان نام يكون النفس فيه أعظم وأشد تواتراً في الانبساط والانقباض لأن الحرارة التي في / السن النامي أكثر ، فلذلك يحتاج للملك إلى تروح أكثر والفضول الدخانية فيهم أيضاً أكثر لأن هذه الفضول إنما تكون بحسب كثرة الهضم لأنها فضول الهضم وكذلك الحال في أوقات السنة والبلدان والأمزجة فإنه في الحار يعظم ويسرع ويتواتر وفي البارد بالضد ، وكذلك في الأعمال والأحوال والتصرفات ، قال : والاستحمام أيضاً ما كان بالحار فيجعل النفس سريعاً عظيماً متواتراً وما كان بالبارد فبالضد ، وأما النوم فإنه يجعل الانقباض أعظم وأسرع من الانبساط لأن الهضم يكون في حال النوم أكثر لأن الحرارة تجتمع فيه في داخل الجسم فيكثر لذلك اجتماع الفضول الدخانية غاية الكثرة.

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 95 ـ

  قال : وأما الأمراض فجميع ما تتزيد فيه الحرارة مثل الحميات تتزيد فيها سرعة النفس وعظمه وتواتره وخاصة فيما كان منها في القلب نفسه أو فيما قرب منه حرارة مفرطة ، وأما التي نقصت فيها الحرارة فينقص النفس حتى أنه ربما لم يتبين للحس البتة كالحال في اختناق الأرحام ، قال : وجميع هذه الأشياء النبض فيها مشارك للنفس ، قال : ولأن النفس فعل إرادي والنبض فعل طبيعي يختلفان في أشياء ، منها أن النبض إذا كانت القوة قوية والآلة مؤاتية والحاجة داعية لا يمكن أن يجعل بالإرادة صغيراً ، والتنفس قد يكون ذلك فيه لأنه إن عرض في آلات النفس وجع فإن الصدر ينبسط انبساطاً أقل عظماً كلمك لأن عظم الانبساط يهيج الوجع ويشتد له ، وإذا صغر الانبساط لم يبلغ للحاجة / قدرها فيعتاض من ذلك التواتر لأن يستدرك من الهواء بقدر ما فاته بعظم الانبساط فتكون هذه الحالة کمن لايتهياله آن يشرب رية في جرعة حت? يستوفيه فيفرقه في جرعات کثيرة متواترة قليلاً قليلاً ، ومن حالات الوجع في الصدر يکون التنفس بکليته يعني انبساطه وانقباضه بطيئاً صغيراً متواتراً ويكون بعد ضغره عن الاعتدال أكثر من بعد سرعته ، لأن تأذي الصدر بالوجع لعظم الانبساط أكثر منه بسرعة فإن السرعة وإن كانت مؤذية فإنها من أجل قصر مدتها يكون أذاها أقل وذلك لأن السرعة تصيره وتؤديه إلى الذي تشتاق إليه ويستريح الصدر سريعاً وهو السكون وأما عظم الانبساط فإنه مؤذ من كل الجهات من أجل شدة هذه الحركة وليتمدد الورم وانضغاطه في ألم منه من كل وجه فلذلك لا ينقص في حال الوجع الشديد أكثر من السرعة.
  قال : فإن كان وجع الصدر بلا حرارة يحفز ويدعو إلى التنفس العظيم لكن تكون حرارة القلب بحالها الطبيعية فإنها ترى رؤية بينة حركة الصدر أبطأ يعني النفس ، كيك فأما إن كان مع الوجع القلب / ملتهباً فإن السرعة توجد لشدة الحاجة ومبادرته للتطفية فلا تنقص السرعة لكن ينقص العظم نقصاناً كثيراً والخلقة المتواترة من أجل حفز الحاجة. فإن كان مع الوجع تلهب أيضاً فإنه يزيد في السرعة أيضاً ويزيد في التواتر بمقدار أكثر.
  قال : والتواتر وإن كان قد يلحق التنفس الذي عن تلهب القلب فقط وهو حفز الحاجة والذي عن الوجع فإن الفرق بينهما أن جملة ما قلنا أن الوجع في آلات النفس يجعل التنفس صغيراً متواتراً وأن الذي عن الوجع صغير كثيراً ومعه أيضاً أبطأ وإن كان أقل من الصغر ، قال : فأما التنفس الكائن عن الوجع مع تلهب القلب فينفصل عن تلهبه فقط بالصغر لأنه أصغر من الكائن عن التلهب بلا وجع وينفصل من الكائن عن الوجع فقط فإنه أشد تواتراً وأسرع وأعظم وأبطأ ، قال : فالضعف الذي يتغير فيه النفس من أجل الوجع لا يشبه أمر التنفس فيه أمر النبض ، وأما سائر ذلك ذكرنا فيشبهه في السبب والتغير ، قال : والتغير الحادث في النفس من سدد أو أورام صلبة أو ضغط أو

 الحاوي في الطب ج (4)   ـ 96 ـ

  صنف من أصناف ضيق فى الصدر والرئة فإنه يغير النفس تغيراً مشبهاً لتغير النبض ، قال : والتنفس / والنبض يكونان جميعاً في هذه الأحوال أعني في حال الضيق صغيراً كلم سريعاً متواتراً ، أما كونه متواتراً فلأن ما ينجذب من الهواء يكون قليلاً لضيق الآلة التي بها يجذب ، وأما متواتراً فلأنه يحتاج أن يستدرك به ما فات من العظم ليكمل ما تحتاج إليه الحاجة ، سريعاً فلهذه العلة أيضاً ، وقد بينا في كتاب النبض أن عظم الانبساط إذا وفي الحيوان ما يحتاج إليه من إدخال الهواء لم يطلب السرعة ولم يوف انتقل إلى السرعة إن كانت القوة قوية فإن وفاه لم تواتر فإن لم يوفه أيضاً تواتر حينئذ ، وفي أحوال الضيق يكون النبض والتنفس أيضاً مختلفين والاختلاف علامة خاصة لهذه العلل.
  هنا تم القول في باب التنفس وبتمامه تم الجزء الثالث في أكثر النسخ ويتلوه في الجزء الرابع في [الأمراض الرئة] الربو وضيق النفس ورداءته.